*إردوغان في ألمانيا: زيارة إحراج لـ«عشاق إسرائيل»* فلسطين *محمد نور الدين* الإثنين 20 تشرين الثاني 2023 شكّلت زيارة الرئ

*إردوغان في ألمانيا: زيارة إحراج لـ«عشاق إسرائيل»*

فلسطين
*محمد نور الدين*
الإثنين 20 تشرين الثاني 2023

شكّلت زيارة الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، إلى ألمانيا، حيث التقى مستشارها، أولاف شولتس، محطّة إشكالية في العلاقات بين أنقرة من جهة، وبرلين والاتحاد الأوروبي من جهة ثانية، ولا سيما بالنسبة إلى الوضع في غزة. وتُعدّ هذه الزيارة - المقرّر موعدها منذ وقت طويل - الأولى لإردوغان، بعد آخر زيارة له إلى هذا البلد في كانون الثاني من عام 2020، كما أنها تأتي في ظلّ تواصل العدوان الإسرائيلي على غزة، والتباين في المواقف بين تركيا وألمانيا بخصوص الحرب. ومع ذلك، لم يتمّ إلغاء الزيارة، في ما يعكس إصرار الطرفَين، ولا سيما التركي، على أن يبقي قنوات التواصل مفتوحة مع الأوروبيين، في موازاة مواصلته المسار التصالحي الذي كان قد بدأه مع معظم هذه الدول، منذ ما قبل التجديد لإردوغان، في 28 أيار الماضي. وشملت مباحثات الطرفين قضايا من ضمنها العلاقات الاقتصادية، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بينهما في نهاية 2022 حوالى 45 مليار دولار، واتفاقية الهجرة، كما مسألة تأشيرات الدخول للمواطنين الأتراك إلى منطقة اليورو. ومن جهته، شدّد الجانب الألماني على أهميّة موافقة البرلمان التركي على عضوية السويد في «حلف شمال الأطلسي».

على أن الموقف من الحرب الإسرائيلية على غزة، شكّل العنوان الرئيسي للمباحثات، والمؤتمر الصحافي المشترك الذي جمع إردوغان إلى شولتس، علماً أن برلين، ومنذ بدء العدوان، اتّخذت موقفاً داعماً بشكل مطلَق لتل أبيب، وهي لا تزال ترفض أيّ حديث عن وقفٍ لإطلاق النار. وتجدر الإشارة في هذا الإطار، إلى أن ألمانيا هي المورّد الثاني (بعد الولايات المتحدة) للأسلحة إلى إسرائيل، التي تستورد 15% من عتادها العسكري من الألمان، و82% من الأميركيين. وحول ملفّ العدوان، تتمثّل التباينات بين البلدين في شأنه، في أن أنقرة دعت، منذ اللحظة الأولى، إلى وقفٍ فوري لإطلاق النار، وهو ما لا تزال ترفضه برلين بصورةٍ قاطعة. وكان إردوغان قد قال، بداية الشهر الجاري، إن «ألمانيا تدعم إسرائيل، لأن لإسرائيل ديناً برقبة ألمانيا منذ الهولوكوست، فيما تركيا لا تدين لإسرائيل بشيء»، ووصفها بأنها «مجرمة حرب»، في ما اعتبره شولتش «مجرّد هراء». ومع ذلك، اتّفق الزعيمان على ضرورة أن تنهي روسيا «عدوانها» على أوكرانيا، فيما كرّر شولتس القول إن هجوم «حماس» كان «وحشيّاً وإرهابيّاً، ونحن في ألمانيا لسنا مستعدّين لأيّ نقاش حول موقفنا الداعم لإسرائيل، وحقّها في الوجود نهائي ومحسوم».

إردوغان: «الجميع (في ألمانيا) يتحدّثون عن يوم 7 تشرين الأول، لكن أحداً لا يتحدّث عن الذي جرى بعده»

أمّا إردوغان، فلفت في حديثه أمام الصحافيين إلى أن «الجميع هنا يتحدّثون عن يوم 7 تشرين الأول، لكن أحداً لا يتحدّث عن الذي جرى بعده. لقد قُتل 13 ألف فلسطيني، ولم يَعُد هناك مكان اسمه غزة». وأضاف: «الجميع يقول: حماس حماس حماس... وهل السلاح عند حماس يمكن مقارنته بالذي عند إسرائيل؟ هل إسرائيل عندها سلاح نووي أم لا؟». ولم يكتفِ الرئيس التركي بتلك التصريحات الإعلامية العالية النبرة، بل هو قرّر أن يحرج شولتس عبر التطرّق إلى الهولوكوست علناً، للتذكير بأن الألمان هم الذين قتلوا اليهود، وبأن «ألمانيا مدينة لإسرائيل بسبب الهولوكوست». وفي هذا الإطار، ركّزت بعض الصحف التركية الموالية للسلطة، على مسؤولية الألمان، وعن كونهم نموذجاً لإسرائيل لِما ترتكبه من مجازر بحقّ الفلسطينيين، إذ وصفت صحيفة «يني شفق»، في عنوانها الرئيسي (عدد السبت)، الإسرائيليين، بأنهم «أحفاد جوزف غوبلز، وزير الدعاية الألمانية في العهد النازي، لكثرة الأكاذيب التي يطلقونها بحقّ غزة»، فيما عنونت صحيفة «تركيا»: «ليس في ماضينا هولوكوست»، مع صورة لإردوغان وشولتس. ووفقاً لصحيفة «دير شبيغل» الألمانية، فإن إردوغان كان «متوازناً في مفرداته ومواقفه».

وقال إردوغان بعد انتهاء لقاءاته مع المسؤولين الألمان، إن غزة كانت الموضوع الرئيسي في المباحثات، حيث يرى الألمان أن «حماس هي المسؤولة عمّا يجري في فلسطين بسبب عملية طوفان الأقصى. ويقولون إنها قَتَلت المدنيين وفعلت كذا وكذا»، مضيفاً: «لقد قلت لشولتس إن العكس هو الصحيح. إسرائيل قتلت 13 ألف مدني، وأنتم لا ترون كل هذا، فيما تريدون أن تشرحوا مقتل 100-200 إسرائيلي». وتابع حديثه: «إنهم مع الأسف لا يصغون لِما تقوله. هم يقولون ذلك علناً، وبأنهم يدعمون إسرائيل بالسلاح والمال، ويقولون إن إسرائيل هي في موقع الدفاع عن النفس بينما الفلسطينيون ليسوا في هذا الموقع... هذا أمر غير مقبول، حيث يتعرّضون للإبادة منذ أيام ثيودور هرتزل وحتى الآن، ويراد أن يُمحوا من الوجود». وأشار أيضاً إلى أن «معالجة 17 من مرضى السرطان ليست سوى جزء صغير ممّا تريد تركيا أن تقوم به، إذ إنه من المهمّ انتشال الجرحى وإخراجهم خارج الحدود، والمستشفيات التركية كلها جاهزة»، معتبراً أن مصر تبدي بالنسبة إلى معبر رفح شجاعة «بدرجة معيّنة»، وأنه «من المهمّ أن يُفتح المعبر بشكل دائم»، وأن «مسؤولية الدفاع عن غزة والمساعدة، يجب أن يتحمّلها العالم الإسلامي». وكشف عن أن أكثر من ألف محامٍ قد تقدّموا، إلى الآن، بطلبات لمحاكمة إسرائيل أمام «المحكمة الجنائية الدولية»، آملاً في أن تتحرّر «إسرائيل ونحن وكل اليهود من نتنياهو، واليوم 60%-70% من الرأي العام الإسرائيلي ضدّه (...) أكاذيب إسرائيل واضحة، ولا يجدون شيئاً تحت المستشفيات». وعن الأسرى، قال إردوغان إن «عائلات الأسرى الإسرائيليين أرسلوا لنا رسالة للتدخّل. نحن لا نريد أسر أحد لا من الإسرائيليين ولا الفلسطينيين. حماس لم تقل إنها لا تريد إطلاق سراح الأسرى، ولكن إسرائيل هي التي ترفض».

وتعليقاً على الزيارة، يرى مراد يتكين أن المستشار الألماني بدا ضعيفاً أمام إردوغان، «وربما يكون نادماً في قرارة نفسه على دعوة (الرئيس التركي) لزيارة ألمانيا، ذلك أنه دافع عن حماس بعبارات شديدة أمام الرأي العام، واستهزأ بأيّ قرار ألماني قد يقضي بعدم بيع ألمانيا مقاتلات من طراز "أوروفايذر" إلى تركيا، قائلاً: كما اشترينا "إس-400" من روسيا بسبب رفض أميركا بيعنا صواريخ "باتريوت"، فإن هناك دولاً كثيرة تبيع مقاتلات في حال رفضت ألمانيا ذلك».
المصدر : admin
المرسل : Sada Wilaya